تنتهز أسرة مؤسسة "الحق" هذه المناسبة لتتقدم بأحر التهاني للنساء كافة والنساء الفلسطينيات خاصة في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني. ومع استمرار الاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة، وبقاء الشعب الفلسطيني قابع تحت وطأة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري المستمرة، والتي نالت من الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه ومكوناته وقطاعته وكان آخرها الهجوم العسكري على قطاع غزة في أيار من العام المنصرم. شكلت النساء الفلسطينيات بكافة أماكن تواجدهن عنواناً للصمود والتحدي والإصرار على البقاء في مواجهة كافة أشكال الظلم، ففي العام 2021 جرى توثيق قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل 5 نساء في الضفة و38 مرأة خلال الهجوم العسكري على غزة؛ وهدم 236 منزلاً بحجج مختلفة؛ وتعرضت 184 امرأة للاعتقال؛ وما زالت 32 أسيرة يقبعن في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي لغاية الآن، كما ما زال الاحتلال الإسرائيلي يحتجز جثامين 6 نساء فلسطينيات في مقابر الأرقام.
يأتي الثامن من آذار هذا العام مع ازدياد واضح لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، حيث شهد العام المنصرم ازديداً في هجمة الاحتلال الإسرائيلي على منظمات المجتمع المدني الفلسطيني من خلال اصدار قرار من وزير الجيش الإسرائيلي بتصنيف 6 مؤسسات فلسطينية على أنها منظمات "إرهابية" وإصدار قرار من قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية بتصنيف ذات المؤسسات على أنها منظمات "غير مشروعة" في محاولة لإسكات صوت المنظمات الفلسطينية الحقوقية التي ترصد وتوثق انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني. كذلك قام الاحتلال الإسرائيلي بإقرار المزيد من السياسات العنصرية والتي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، حيث شكلت سياسة هدم المنازل ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وتهويد مدينة القدس عبر إقرار قوانين وتشريعات تنزع عنها هويتها العربية الفلسطينية، وخلق وقائع جديدة على الأرض السمة الأبرز.
وعلى الصعيد الداخلي حمل العام المنصرم العديد من الأحداث ولعل أبرزها مقتل الناشط السياسي نزار بنات وتداعيات مقتله، حيث شاركت النساء في التظاهرات المنددة بمقتل نزار وانتهاكات الأجهزة الأمنية الفلسطينية للحقوق والحريات، وكان لهن دوراً بارزاً في جميع المحطات، سواء بالمشاركة كمواطنات أو كحقوقيات أو صحفيات، بما يمثل مكاسب وطنية كبيرة على صعيد مشاركة النساء في الحياة العامة، والمشاركة السياسية، وذلك بالرغم من تعرضهن للاعتداء والمضايقات والملاحقات على خلفية مشاركتهن تلك.
شكل مرسوم الغاء الانتخابات العامة خيبة أمل حقيقية للمجتمع الفلسطيني الذي كان بأمس الحاجة إلى تجديد نظامه السياسي بما يتيح للنساء المشاركة السياسية الفاعلة وتولي مراكز صنع القرار بما يعزز من حضورهن في كافة القطاعات الرسمية والأحزاب السياسية.
تتجدد هذه المناسبة كل عام، ويتجدد معها المطالبة بضرورة احترام المجتمع الدولي والدول لالتزاماتها بضمان احترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وانهاء الاحتلال وعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي هجروا منها، الا أن ما شهده العالم اليوم من ازدواجية في المعايير واتخاذ المواقف العملية في ساحات دولية أخرى، وتحصين الاحتلال الإسرائيلي كدولة قائمة بالاحتلال من المساءلة، يتطلب من المناصرين/ات لحقوق الشعب الفلسطيني والحقوقيين والحقوقيات في كافة أنحاء العالم رفع الصوت عالياً في مواجهة هذه الازدواجية في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي.
تؤكد مؤسسة الحق بهذه المناسبة على ضرورة التزام دولة فلسطين باحترام منظومة الحقوق والحريات التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني، والاتفاقيات التي انضمت لها بدون تحفظات، من خلال توفر الإرادة السياسية الجادة لإعمال مبدأ المساءلة، كما وتؤكد الحق على ضرورة عقد الانتخابات العامة بأسرع وقت ممكن وجعل من مدينة القدس مساحة للاشتباك مع المحتل انطلاقاً من مبدأ سيادة الشعب، وتؤكد الحق على ضرورة تبني سياسات وتشريعات منصفة للنساء توفر لهن الحماية الاجتماعية والقانونية وتسهم في وصولهن للعدالة.