في الثالث والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2021، عقدت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية مؤتمراً صحفياً مشتركاً في مركز الحق للقانون التطبيقي في رام الله، تطرقت فيه للتصعيد الخطير للهجمات الإسرائيلية المنظمة والواسعة وحملات التشهير التي تشنّها ضد المدافعين/ات عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في فلسطين، إذ توّجت هذه الحملات بالتصنيف غير المسبوق لعدد من هذه المنظمات بأنها "منظمات إرهابية"؛ بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي لعام 2016. شملت المنظمات المستهدفة كل من: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان؛ ومؤسسة الحق- القانون من أجل الإنسان؛ ومركز بيسان للبحوث والإنماء؛ ومؤسسة إنقاذ الطفل- فلسطين؛ واتحاد لجان العمل الزراعي واتحاد لجان المرأة الفلسطينية.
أفاد شعوان جبارين، المدير العام لمؤسسة الحق، أنّ هذا التصنيف قد جاء بصورة مفاجئة لجميع منظمات المجتمع المدني؛ مصرّحاً "لم يتم إعلامنا سابقاً بأي شيء يتعلق بهذا الموضوع، وعلمنا عنه من خلال الإعلام كبقية الناس، إذ نشرت صحيفة "جروسلم بوست" هذا التصنيف قبل ساعة واحدة من إعلانه من قبل ما يسمى بوزارة الدفاع الإسرائيلية على صفحتها الرسمية". ونقل جبارين رسالة راسخة من الصمود والثبات لوسائل الإعلام المحلية والدولية التي حضرت المؤتمر، مؤكداً على أنه لا يمكن للاحتلال أن يحبط عمل المؤسسة من خلال حملاته التشهيرية هذه: قائلاً "هذا قرار سياسي وليس قراراً أمنياً، ونحن في منظمات المجتمع المدني نتحدى أن تستطيع دولة الاحتلال بعناصرها الأمنية والسياسية إثبات أياً من ادعاءاتها بخصوص عمل منظماتنا. إذ يأتي هذا القرار ضمن سلسلة من الممارسات الممنهجة التي تهدف إلى تشويه سمعة منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان في فلسطين، وإسكات أصواتهم على المستوى الدولي وتجفيف عملهم ومواردهم، لكننا نثق بتضامن أصدقائنا وشركائنا في كل مكان من العالم، أولئك الذين يؤمنون بالقانون الدولي وسيادة القانون".
كما نفى جبارين بكل ثقة أن تؤثر هذه الهجمات على عمل منظمات المجتمع المدني؛ إذ بدا غير مبالٍ بهذا التصنيف قائلاً: "سنكمل عملنا كما اعتدنا أن نفعل كما لو أنه لا يوجد أي قرار أو تصنيف من قبل ما يسمّى بوزارة الدفاع الإسرائيلية، فنحن ندافع عن حريات الشعب الفلسطيني وحقوقهم لأنهم هم من يمتلكون هذه المنظمات لا نحن". وبإيجاز، فقد أعاد جبارين التذكير بأنه يجري التحقيق في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل وجرائمها ضد الإنسانية في محكمة الجنايات الدولية، وأنه قد يتم تجريم عدد من كبار السياسيين في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بصورة شخصية في لاهاي.
كما أعربت سحر فرانسيس، المديرة العامة لمؤسسة الضمير، عن قلقها حيال ارتباط هذه التصنيفات بتطور التحقيقات في محكمة الجنايات الدولية، كما أضافت أن هذه الهجمات تعدّ انتقاماً واضحاً من النجاحات التي تحققها منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية: "تدللّ هذه القرارات والممارسات على القلق البالغ للاحتلال الإسرائيلي حيال النجاح الواسع لعمل منظماتنا، إذ قمنا بتطوير المصطلحات واللغة التي نستخدمها عند الحديث عن الاحتلال، كاستخدام مصطلح "نظام الفصل العنصري" والحديث عن محكمة الجنايات الدولية، كما أن النجاحات التي تحققها حملات المقاطعة بالإضافة إلى الصمود الكبير لأبناء الشعب الفلسطيني المقيمين/ات في مناطق (ج)، ما هي إلا أمثلة على نجاحنا نحن كمؤسسات مجتمع مدني".
كما حذرت السيدة فرانسيس من أن جميع منظمات المجتمع المدني قد تكون الآن عرضةً للخطر؛ فالهجمات التي تتعرض لها منظمة واحدة اليوم قد تتعرض لها منظمة أخرى في أي وقت مستقبلاً، كما يمكن أن يطال هذا الخطر الجهات المانحة والمؤسسات الشريكة أيضاً، إذ قالت: "نطالب هذه المنظمات والجهات أن تتخذ إجراءاتٍ فعلية للتصدي لهذا الهجوم، كما يجب أن نعمل على تطوير استراتيجيات خاصة بالأمن ومحاسبة مرتكبي الجرائم الدولية".
وأشاد عمّار حجازي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف، بوحدة منظمات المجتمع المدني في فلسطين، وتحدّث عن جهود السلطة الفلسطينية في حثّ المجتمع الدولي على دعم هذه المنظمات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان في فلسطين. كما أكّد حجازي على أهمية الموقف الذي تتخذه دولة فلسطين في وجه هذه التصنيفات والآمال التي تعلّقها على المجتمع الدولي قائلاً: "نتوقع من المجتمع الدولي بما فيه الأمين العام للأمم المتحدة والمفوّض السامي أن يعلنوا مواقفهم الواضحة حيال هذه التصنيفات، كما نتوقع أن يعلن الاتحاد الأوروبي رفضه القاطع لهذا القرار، إذ يتعيّن عليهم جميعاً ألا يمتثلوا لمثل هذه القرارات وإلا ستعيد الحكومة الفلسطينية صياغة شكل علاقتها معهم".