تتوجه مؤسسة الحق بالتحية والتقدير للمرأة الفلسطينية خاصة، وللنساء عامة، بمناسبة الثامن من آذار الذي يصادف يوم المرأة العالمي. وتأتي هذه المناسبة في ظل تعاظم التحديات التي تواجهها المرأة الفلسطينية؛ فعامًا تلو آخر، تجسد المرأة الفلسطينية نموذجًا فريدًا في مواجهة الصعاب والتحديات، فما زال الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأرض الفلسطينية ماضيًا في انتهاكاته للشعب الفلسطيني بكافة فئاته، حيث تواجه النساء الفلسطينيات السياسات الممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي من تهجير قسري للسكان المدنيين وآثاره، وهدم للمنازل وتشريد للعائلات، واعتقال في السجون، وقتل وعنف ممنهج.
تشكل المرأة الفلسطينية حالة غير مسبوقة بصمودها على الأرض لتضرب في عمقها جذور البقاء والنضال من أجل الحرية وتقرير المصير، واجتراحها للحلول الممكنة لمواجهة انتهاكات الاحتلال وآثار جائحة كورونا، التي فرضت على المرأة الفلسطينية أعباء مركبة ما بين دورها في الحياة العامة والحياة الاسرية الخاصة. فقد كانت النساء أكثر الفئات التي تضررت من آثار جائحة كورونا على صعيد سوق العمل، وتحمل أعباء تعطل العملية التعليمية، ووصولهن للعدالة في ظل الجائحة وآثارها الخطيرة على حقوقهن وحقوق عائلاتهن، وتحمل ارتفاع معدلات البطالة وتوفير سبل العيش الكريم لأسرهن بما توفر من إمكانيات شحيحة، في ظل غياب أي خطط أو سياسات عملية للحكومة على صعيد مواجهة الجائحة وتداعياتها.
ما زالت المرأة الفلسطينية تعاني من المحددات الثقافية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات الشرقية، المبنية على الظلم والقهر والتمييز تجاه النساء. كما لا زال العنف ضد المرأة بكافة أشكاله يمارس بحق النساء والفتيات دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد منه، وبقاء مشروع قانون حماية الأسرة من العنف يراوح مكانه منذ خمسة عشرة عامًا، حيث لا زالت تحمل التشريعات النافذة نصوصًا تمييزية تجاههن. كما تعاني النساء والفتيات ذوات الإعاقة من تمييز مركب بحكم اعاقتهن، ولا زال تزويج القاصرات يمارس على نطاق واسع برخصة من القانون بما ينتهك حقهن وفق قانون الطفل الفلسطيني واتفاقية حقوق الطفل.
ما زالت حقوق النساء في المجتمع الفلسطيني تشهد حالة جدل، ظهرت جليًا، من خلال التضارب ما بين خطاب المستوى السياسي والمستوى التنفيذي بشأن إعمال حقوق المرأة الواردة في الاتفاقيات التي انضمت لها دولة فلسطين بدون تحفظات، ترافق ذلك مع تحريض شخصيات دينية واعتبارية على تعنيف المرأة بدنيًا باعتباره مباحًا في الشريعة والقانون، بما يشكل تراجعًا خطيرًا على صعيد إعمال حقوق المرأة على الصعيد الوطني، وعدم احترام تعهدات والتزامات دولة فلسطين على الصعيد الدولي.
في ظل صدور مرسوم إجراءات الانتخابات العامة 2021، ما زال مستوى التمثيل للمرأة الفلسطينية في مواقع صنع القرار دون المستوى المأمول، وأن مشاركة النساء في الحياة السياسية لا زالت محدودة حيث يقتصر دورها على مشاركتها في الانتخابات كناخب في معظم الأحيان. إن التمييز الإيجابي من خلال "نظام الكوتة" في القوانين الانتخابية ثبت في ظل الممارسة العملية أنه بحاجة إلى تعديل، وبحاجة أيضًا إلى برامج مساندة تمكن النساء من القيام بدورهن بفاعلية عالية تمكنهن من عكس الصورة الحقيقية لقدرة النساء القيادية في مواقع صنع القرار، ويتطلب تعزيز مشاركة النساء السياسية من خلال رفع مشاركة النساء في القوائم المشاركة في الانتخابات الحالية.
وبهذه المناسبة تؤكد مؤسسة الحق على ما يلي:
- ضرورة قيام الحكومة بتقديم خطة واضحة فيما يتعلق بتداعيات جائحة كورونا ومكافحة آثارها، وبخاصة فيما يتعلق بتوفير اللقاحات الخاصة بفايروس كورونا، وتوفير المعلومات بما ينسجم ومبادئ الشفافية والنزاهة.
- اتخاذ كافة التدابير الملائمة، وسن التشريعات وإعداد الاستراتيجيات والسياسات والبرامج، لضمان تنفيذ الالتزامات المترتبة على الانضمام إلى اتفاقية "سيداو" وإعادة النظر في التشريعات والاستراتيجيات والسياسات القائمة بما يتلاءم مع الالتزامات بموجب الاتفاقية.
- تعزيز فرص وصول النساء إلى العدالة من خلال تطوير البنية التشريعية والإجرائية بما يكفل تحقيق سبل الإنصاف واحترام الكرامة الإنسانية للنساء.
- دعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة الفلسطينية بما يؤمن لها ولأسرتها حياةً كريمة، وبخاصة حقها في الضمان الاجتماعي والحق في العمل ضمن شروط عادلة، والحق في تلقي أعلى مستوى من الخدمات الصحية.
- ضرورة تبنيي القوائم المترشحة للانتخابات العامة 2021، لتعزيز تواجد النساء في تلك القوائم بنسب أكبر من تلك المنصوص عليها في القرارات بقانون المنظمة للانتخابات التشريعية، وزيادة نسبة النساء في مواقع صنع القرار المختلفة على الصعيد المحلي وعلى صعيد بعثات دولة فلسطين في الخارج، ووضع البرامج المساندة لتمكين النساء في هذا المجال.