القائمة الرئيسية
EN
هل سيأخذ المجتمع الدولي مواقف رادعة لإنهاء سياسة إسرائيل لتهجير الشعب الفلسطيني بشكل قسري؟
23، نوفمبر 2020

التاريخ: 22 تشرين الثاني 2020

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلية غور الأردن يوم الثلاثاء، الثالث من تشرين الثاني 2020 وهدمت التجمع البدوي الفلسطيني "خربة حمصة الفوقا" في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19). ويعد هذا الهجوم  “أضخم عملية تهجير قسري نُفذت على مدار الأربع سنوات المنصرمة" في استمرار لسياسات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة  إلى تهجير الفلسطينيين والفلسطينيات. وفي ضوء استمرار إسرائيل في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، تؤكد مؤسسة الحق على أهمية تدخل المجتمع الدولي لتبني كافة الوسائل الممكنة لضمان العدالة والمساءلة الدولية، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل ودعم المحكمة الجنائية الدولية علنياً، لما في ذلك من تعزيزٍ للقانون الدولي  وتوفير العدالة للضحايا. 

تنتهج إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ممارسات وسياسات  تعكس حقيقتها الاستعمارية الاستيطانية ونظام الفصل العنصري (الأبارتهايد)  بهدف  دثر الوجود الفلسطيني واستمرار إنكار حقهم في تقرير المصير، وذلك بالاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وتعزيز النشاط الاستيطاني، والتهجير القسري للفلسطينيين والفلسطينيات. وفي الوقت نفسه، تحث إسرائيل المستوطنين المقيمين في المستوطنات اللاشرعية على استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية. 

قرابة الساعة 11:30 من صباح يوم الثلاثاء الموافق 3/11/2020 وفي ظل انشغال الرأي العام بالانتخابات الامريكية، شرعت قوة كبيرة من جيش الاحتلال معززة بعدد من الاليات والمعدات، منها جرافاتCAT  و JCB ، وقامت بهدم منازل تعود لأحدى عشرة عائلة، وخيامٍ، وحظائر ومراحيض متنقلة وخزانات مياه وخلايا شمسية، مما أدى إلى تشريد 72 فلسطينيًا وفلسطينية، منهم/ن 38 طفلًا وطفلة.[1] في 9 شباط 2017، أصدرت الإدارة المدنية الإسرائيلية والي تدير الشؤون المدنية في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال جيش الإحتلال الإسرائيلي، إخطارًا لوقف بناء منازل لخمس عائلات مقيمة في خربة حمصة الفوقا. ومع ذلك، لم يتسلم السكان الفلسطينيون إخطارات بالهدم بعد ذلك ، كما لم تمنح قوات الاحتلال الإسرائيلي المواطنين الفلسطينيين الوقت الكافي لإخراج ممتلكاتهم أثناء الهدم والذي تسبب بتدميرها هي الأخرى. كما بسطت قوات الاحتلال الإسرائيلي أياديها على ممتلكات ثلاثة فلسطينيين، وصادرت جرارين زراعيين وسيارةٍ خاصة. [2]

         

التقط الصور مواطن من مواطني خربة حمصة الفوقا بتاريخ 3 تشرين الثاني 2020

يدلل توقيت هذا الهجوم على تكريس سلطات الاحتلال الإسرائيلي لجهودها في توظيف المرحلة الانتقالية الفاصلة بين إدارة "ترامب" وإدارة "بايدن" والاستفادة القصوى منها لتصعيد وتدشين وترسيخ النشاط الاستعماري الاستيطاني عن طريق فرض "وقائع على الأرض" تحتم التهجير القسري الممنهج للشعب الفلسطيني واستبداله بالمستوطنين الإسرائيليين. قدمت الإدارات الأمريكية المختلفة، وبالأخص إدارة "ترامب"، الثناء للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل بحق القانون الدولي. حيث قامت إدارة "ترامب" بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وقطع الدعم عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، والاعلان عن "صفقة القرن" في كانون الثاني من عام 2020. كل هذه القرارات الأمريكية؛ والإسرائيلية تهدف إلى تقويض حقوق اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات وخاصةُ حقهم/ن بالعودة، وترسيخ نهج الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يستهدف الشعب الفلسطيني.  

التقطت مؤسسة الحق الصورة بتاريخ 4 تشرين الثاني 2020

منذ احتلالها للأرض الفلسطينية في عام 1967، شرعت إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال بالإستيلاء على الأرض الفلسطينية بشكلٍ ممنهج تمكنها من تهجيرالشعب الفلسطيني من خلال مصادرة الأراضي بوسمها "أراضٍ للدولة" وإصدار أوامر عسكرية تعتبربعض الأرض الفلسطينية كـ "منطقة لإطلاق النيران" وفرض قيود بناء صارمة على المواطنين الفلسطينين. ويعتبر غور الأردن مصدرًا مهمًا للمصادر الطبيعية الفلسطينية ويوفر أراضٍ تتيح التوسع الطبيعي للبلدات والمدن الفلسطينية. ولهذه الأسباب الاستراتيجية، ستستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي في هجومها على منطقة (ج) بشكل عام وغور الأردن بشكل خاص، طالما يستمر فشل المجتمع الدولي في تيني مواقف رادعة لوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب. 

لم يكن هذا الهجوم الأول على خربة حمصة الفوقا فهي تقع بما تسميه إسرائيل بـ "منطقة لإطلاق النيران". حيث قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعمليات هدم واقتحامات متكررة لهذه المنطقة، حيث هدمت أربعة حظائر في عام 2012، وحظيرتين ومنزلين في 2013، مما أدى إلى نزوح تسعة فلسطينيين وفلسطينيات منهم ثلاثة أطفال. أما في عام 2014، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرة منشآت ضمت خمسة منازل، أدت إلى تشريد 35 شخص وعائلاتهم بما فيها النساء والأطفال، حيث تركوا بلا مأوى.

التقطت مؤسسة الحق الصورة بتاريخ 4 تشرين الثاني 2020

منذ بداية عام 2020، وحتى 31 تشرين الأول، وثقت مؤسسة الحق هدم 641 منشأة فلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وفي النصف الثاني من 2020.  رصدت الحق ازدياد ملموس في معدل هدم الممتلكات دون وجود أي ضرورة عسكرية تستدعي ذلك وتشير توثيقات "الحق" أن  معدل عمليات الهدم الواقعة في أشهر تموز وآب وأيلول قد ارتفعت بنسبة 100% بالمقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2020.

 يشكل هدم إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال لممتلكات الفلسطينيين والفلسطينيات في خربة حمصة الفوقا انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة وقد يرقى لتصنيفه كجريمة حرب، وذلك لغياب مبرر الضرورة العسكرية. إن هذه الانهاكات والاعتداءات تعد مثالًا آخر يعكس نوايا الاحتلال الإسرائيلي في خلق بيئة قسرية تفضي إلى تهجير الفلسطينيين والفلسطينيات عن مناطق سكنهم، سواءًا بشكل مباشر أو غير مباشر. ويعتبر التهجير القسري الذي يستهدف السكان المدنيين الفلسطينيين المحميين محظور بموجب اتفاقية جنيف الرابعة ويصنف كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وهذا يسترعي ضرورة المساءلة الجنائية الفردية لمقترفي الانتهاكات. 

تؤكد مؤسسة الحق على مسؤولية الشركات التجاريةالتي يحتم عليها احترام حقوق الإنسان والعمل بحرص لتجنب أي انتهاك لحقوق الإنسان والتصدي لها، وفقاًلمبادئ الإرشادية  للأمم المتحدة  بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان (UNGPs) وإرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) للشركات متعددة الجنسيات. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت مؤسسة الحق ترصد وتوثق تواطؤ الشركات في انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة وتورط شركات إسرائيلية ودولية في النشاط الاستيطاني الغير شرعي.  

قامت قوات الاحتلال أثناء هجومها على خربة حمصة الفوقا، بتدمير منشآت كان قد مولها الإتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وإيرلندا، وفرنسا، وبلجيكا، وفنلندا، وإسبانيا، والدنمارك، والسويد، وإيطاليا، ولوكسمبورغ؛ كجزء من ’دعمهم الإنساني للفلسطينيين/ات المهددين/ات بالتهجير القسري في الضفة الغربية. بينما المساعدات الإنسانية مهمة لدعم الأفراد في ظل وجود بيئة قسرية، تؤكد مؤسسة الحق على أن هذه المساعدات الإنسانية يجب أن تبقى قصيرة الأمد، وتوفر دعم مؤقت؛  وضرورة لفت نظر المجتمع الدولي من عدم الإنحراف عن المسببات الرئيسية: ألا وهي النظام الاستعماري الإسرائيلي و نظام الفصل العنصري الذي تنتهجه إسرائيل بما في ذلك ما يصاحبها من سياساتها وممارساتها الممنهجة.

التقطت مؤسسة الحق الصورة بتاريخ 4 تشرين الثاني 2020

بالرغم من ادانة المجتمع الدولي، بما في ذلك الإتحاد الأوروبي، وإيرلندا، وبلجيكا، هدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي لخربة حمصة الفوقا وحثّ إسرائيل على وقف هدم المنشآت الفلسطينية، وطلب تعويضات مادية للأضرار التي التحقت بالمنشآت، إلا أن إسرائيل تواصل تجاهل نداءات المجتمع الدولي بخصوص تعويضه أو وقف سياسيتها في هدم المنشآت الفلسطينية وتهديد الشعب الفلسطيني. 

وفي ضوء ما ذكر، تدعو مؤسسة الحق المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى اتخاذ إجراءات ملموسة وفعالة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها، وتشدد على ضرورة إيجاد عدالة ومساءلة دولية لإنهاء إفلات إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال من العقاب. وعلى وجه الخصوص، تطالب مؤسسة الحق المجتمع الدولي با يلي: 

  • الاعتراف بنظام الفصل العنصري الاستعماري الذي تتبناه إسرائيل ومجابهته، وإنفاذ تدابير حقيقية وفورية للتصدي لإفلات إسرائيل من العقاب بشأن انتهاكها لحقوق الإنسان وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وضمان سبلٍ ناجعة تسعى لإنصاف الشعب الفلسطيني. 
  • ضمان تطبيق القانون الدولي وحماية الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال فرض عقوبات اقتصادية وتدابيرَ أخرى التي من شأنها إلزام إسرائيل بالتقيد بالتزاماتها كسلطة قائمة باحتلال.
  • التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية ودعمها علنياً؛ وذلك لضمان المساءلة وتحقيق العدالة للضحايا. 
  • إقرار قوانين تحظر استيراد المنتجات المصنعة في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أية إقليمٍ محتل، وإقرار قاعدة بيانات الأمم المتحدة التي عددت فيها الشركات التجارية المنخرطة بنشاطات متعلقة بالنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان كتقريربتاريخ 12 شباط 2020. 

 

 


[1] تم جمع وتوثيق المعلومات من قبل مؤسسة الحق، بتاريخ 4 تشرين الثاني في خربة حمصة الفوقا.

[2] تم جمع وتوثيق المعلومات من قبل مؤسسة الحق، بتاريخ 4 تشرين الثاني في خربة حمصة الفوقا.