لاحظت مؤسسة الحق بخطورة بالغة ارتفاعًا كبيرًا في وتيرة هدم المنشآت الفلسطينية خلال الشهرين المنصرمين من العام الجاري على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلية. فقد كان متوسط عدد المنشآت التي هدمتها سلطات الاحتلال شهريًا في النصف الأول من العام الجاري، في الأرض الفلسطينية المحتلة، قد بلغ 31 منشأة، وقد بلغ متوسط عدد المنشآت المهدومة في غضون الشهرين المنصرمين - تموز وآب، 59 منشأة، في ارتفاع قد يضاهي الضعف عن متوسط الشهور السابقة.
وإن كانت سلطات الاحتلال قد هدمت خلال النصف الأول من العام الجاري 186 منشأة، فإنها هدمت بعد ذلك خلال شهري تموز وآب المنصرمين لوحدهما 113 منشأة فلسطينية. الارتفاع بوتيرة الهدم يأتي ضمن إطار جهود دولة الاحتلال لتجسيد الضم بشكل أوضح، وهذا ما تشجع عليه السياسات الأمريكية وغياب المساءلة من قبل المجتمع الدولي مما شهدته الشهور والأعوام المنصرمة. فقد بلغ متوسط عدد المنشآت المهدومة في عام 2019 حوالي 30 منشأة شهريًا، وفي عام 2018 بلغ متوسط المنشآت المهدومة 22 مسكنًا شهريًا.
ويلاحظ أن النسبة الأكبر من المنشآت المهدومة بواقع 44 منشأة خلال الشهرين المنصرمين تقع في محافظة القدس المحتلة، 28 منها داخل حدود بلدية القدس المفروضة على أرض الواقع من دولة الاحتلال، و16 منشآة في ضواحي مدينة القدس خارج حدود بلدية الاحتلال.
يشكل الهدم تدميرًا للممتلكات غير مبرر بالضرورات الحربية، ويشكل انتهاكًا جسيمًا وفقًا للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، وهو جريمة حرب وفقا للمادة 8 (2) (ب) من نظام روما الأساسي، التي تدرج مهاجمة مساكن السكان المدنيين والعزّل ضمن تعريفها لجرائم الحرب. وينجم عن هدم المساكن نقل السكان قسرًا عن مكان سكناهم في مخالفة واضحة للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، والادة 7 (1) (د) من نظام روما الأساسي. كما يشكل الهدم انتهاكًا للمادة 11 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي يكفل الحق في مأوى لكل أسرة.
وإذ تدين مؤسسة الحق كافة أشكال الهدم التعسفي لمنشآت الفلسطينية، والتي تهدف ضمن السياسات الإسرائيلية الأوسع إلى تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية، وتعزيز الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فإن تكثيف سياسة الهدم مؤخرًا إنما هو انعكاس لفشل المجتمع الدولي في معاقبة دولة الاحتلال على ممارساتها المنافية للعديد من المعاهدات والقرارات الدولية والمخالفة للقانون الدولي، وبسبب الإفلات من العقاب، وعدم القدرة على محاسبة المسؤولين الإسرائيليين، لا سيّما في ظل محاولات ضم وفصل مناطق شاسعة من الضفة الغربية لدولة الاحتلال بشكل غير قانوني. ويستدعي ذلك التسريع بفتح التحقيق من قبل المحكمة الجنائية.