تستنكر منظّمات المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ اختيار إيمي بالمور، المديرة العامّة السابقة لوزارة القضاء الإسرائيليّة، لعضوية مجلس الإشراف في فيسبوك، ويحذّر من أثر الدور الذي ستستمرّ بالمور في لعبه على تقليص مساحة حرية التعبير عن الرأي عبر الإنترنت، وكذلك على الدفاع عن حقوق الإنسان. في حين أنّ هناك أهميّة لتنوّع أعضاء مجلس الإشراف، هناك أهميّة بالمقدار ذاته لأن يكونوا الأعضاء أشخاصًا داعمين لسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
التمست وزارة القضاء الإسرائيليّة، بتوجيه من إيمي بالمور، لفيسبوك من أجل مراقبة الخطاب الشرعيّ للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيّين، لمجرّد اعتبار هذا الخطاب غير مرغوب به سياسيًا، وهذا ما يناقض معايير القانون الدوليّ لحقوق الإنسان، والتوصيات التي نشرها المقرّر الخاص في الأمم المتّحدة حول الترويج والدفاع عن الحق في حريّة الرأي والتعبير، كما يناقض توصيات خبراء الحقوق الرقميّة الذين يقرّون بأنّ الرقابة يجب أن تكون نادرة ومبرّرة، وذلك لحماية حريّة التعبير، وأنّ على الشركات أن تطوّر أدوات "تمنع أو تخفّف المخاطر على حقوق الإنسان التي تسبّبها القوانين الوطنيّة أو المطالب التي لا تتلاءم مع المعايير العالميّة". يثير تعيين إيمي بالمور مخاوف بأنّ فيسبوك فشلت في أخذ توصيات منظّمات المجتمع المدنيّ الناشطين والخبراء العالميّين حول حريّة التعبير بعين الاعتبار وبما فيه الكفاية، وأنّه من المحتمل أن يؤدّي "مجلس الإشراف في فيسبوك" بالتحديد إلى زيادة التقييدات على حريّة التعبير عبر الإنترنت، وإلى تقويض أصوات المجتمعات الفلسطينيّة والعربيّة والمسلمة، وتقويض أصوات داعمي هذه المجتمعات حول العالم، كما تمّ توثيق ذلك من قبل الأكاديميّين ومنظّمات المجتمع الأهليّ.
خلال فترة عمل بالمور في وزارة القضاء الإسرائيليّة (2014-2019)، أقامت الوزارة وحدة السايبر الإسرائيليّة، أو "وحدة إحالة الإنترنت"، والتي استهدفت عن قصد عشرات آلاف المحتويات الفلسطينيّة وأدّ إلى إزالتها، وفرضت تقييدات بالغة على حريّة التعبير عبر الإنترنت، وخصوصًا فيما يتعلّق بفلسطين، ممّا أثّر بشكلٍ غير متكافئ على المجتمعات العربيّة والمسلمة في جميع أنحاء العالم. شدّد مركز "عدالة" ومنظّمات مجتمع مدنيّ أخرى مسألة أنّ وحدة السايبر الإسرائيليّة بنفسها تقوم بإصدار أوامر لمزوّدي الإعلام الاجتماعيّ بطريقة غير قانونيّة لتراقب فعليًّا المحتوى في مواقعها. على الرغم من أنّ طلبات وحدة السايبر الإسرائيليّة لمزوّدي الإعلام الاجتماعيّ ليست علنيّة، فقد شهدت منظّمات المجتمع المدنيّ على مدى سنوات طويلة كيف أن أوامر الحكومة الإسرائيليّة واستخدام خوارزميّات التعلّم التلقائيّ للكشف عمّا تسمّيه "محتوى متطرّف"، قد خلقت مئات آلاف المحتويات المزوّرة الإيجابيّة تجاه الحكومة الإسرائيليّة، ممّا أضرّ بمحتوى حقوق الإنسان.
في عام 2017، وبعد مرور عامين على إقامة وحدة السايبر، طرأ ارتفاع بنسبة 500 بالمئة على إزالة المحتوى. في عام 2018، أي عام واحد قبل انتهاء مدّة عمل بالمور كمديرة عامّة، تمّ توثيق 14,285 حالة إزالة محتوى. في نفس الوقت، أظهر بحث حول التحريض على الكراهيّة العرقيّة ضدّ الفلسطينيّين عبر الإنترنت أنّ خلال العام 2018 تمّ نشر منشور تحريضيّ باللّغة العبريّة موجّه ضدّ الفلسطينيّين كلّ 66 ثانية، بينما لم يتم التعبير عن أيّ رغبة لمكافحة ظاهرة المحتوى التحريضيّ ضد الفلسطينيّين العرب. بالإضافة إلى ذلك، وكما هو موثّق في تقرير الشفافيّة في فيسبوك، طرأ منذ عام 2016 ارتفاع بعدد طلبات الحكومة الإسرائيليّة للحصول على بيانات، والتي وصل عددها حتّى الآن إلى 700 طلب، وتمّ تقديم 50 بالمئة منها ضمن فئة "طلبات طارئة"، وأنّها لم تكن ذات صلة بإجراءات قانونيّة. هذه ليست محاولات معزولة لتقييد الحقوق الرقميّة الفلسطينيّة وحريّة التعبير عبر الإنترنت. بدلاً من ذلك، تأتي هذه المحاولات في سياق المحاولات واسعة النطاق والمُمنهجة من قبل الحكومة الإسرائيليّة، وخصوصًا من خلال وحدة السايبر التي ترأستها إيمي بالمور سابقًا، من أجل إسكات الفلسطينيّين وإزالة محتوى الإعلام الاجتماعي الناقد للسياسات والممارسات الإسرائيليّة، ولتشويه ونوع الشرعيّة عم المدافعين عن حقوق الإنسان، والناشطين والمنظّمات التي تسعى إلى تصدّي الانتهاكات الإسرائيليّة لحقوق الشعب الفلسطينيّ.
المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ، المكوّن من الشبكات الفلسطينيّة الموقّعة أدناه، والتي تضمّ عشرات المنظّمات الأعضاء فيها، يحثّ شركة فيسبوك ومجلس الإشراف التابع لها على النظر في العواقب الوخيمة التي قد تكون لاختيار إيمي بالمور، وخصوصًا تلك المتعلّقة بحقوق المدافعين الفلسطينيّين عن حقوق الإنسان، وبحريّة التعبير عبر الإنترنت دفاعًا عن الحقوق الفلسطينيّة. تمثّل منظّماتنا أصوات متنوّعة في المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ ومدافعين عن حقوق الإنسان، كما أن العديد من هذه المنظّمات حازت على جوائز في هذا المضمار. ما زالت تعاني العديد من منظّماتنا والأفراد العاملين بها بأنفسهم من حملات التشويه ونزع الشرعيّة بسبب أعمالهم في مجال حقوق الإنسان عبر الإنترنت وخارج الإنترنت أيضًا، ويشمل ذلك مراقبة عملهم الشرعيّ في مجال حقوق الإنسان في منصّات فيسبوك، كما أنّهم عملوا دون كلل في السنوات الأخيرة كي تتماشى سياسات وممارسات فيسبوك مع معايير عالميّة لحقوق الإنسان من أجل دعم الحقوق الرقميّة الفلسطينيّة.
ائتلاف الحقوق الرقميّة الفلسطينيّة
مجلس منظّمات حقوق الإنسان الفلسطينيّة
شبكة المنظّمات الأهليّة الفلسطينيّة