قدم مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس، الموافق 30 نيسان 2020 رد من ستين صحفة على إفادات أصدقاء المحكمة بخصوص الحالة في دولة فلسطين. [1] وبهذه المناسبة تؤكد مؤسسة الحق على موقفها الذي عبرت عنه مسبقًا، والداعي لفتح تحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة على إقليم فلسطين. وفي ذات الوقت فإن "الحق" تعبر عن ثقتها بأن مثل هذه الخطوة سيتم اتخاذها في القريب العاجل؛ بهدف تحقيق الغاية من وراء انشاء المحكمة، إعمالًا لهدف نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، والمتمثل في الدفاع عن حقوق الضحايا وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب. وفي هذا السياق قال السيد شعوان جبارين، مدير عام مؤسسة الحق "إن الرد المفصل الذي استند إلى الإفادات المقدمة بالنيابة عن الضحايا الفلسطينيين جهد يستحق الثناء، ونحن على ثقة بأن الضحايا الفلسطينيين سيبقون مركز اهتمام مكتب المدعية العامة في التوجه والخطوات القادمة."
ترحب مؤسسة الحق بالتحليل المسند، الذي قدمته المدعية العامة حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والذي سبق وأكدت عليه محكمة العدل الدولية كمبدأ أساسي في المنظومة القانونية الدولية، بإعتباره التزام على الدول كافة. كما تثني مؤسسة الحق على المدعية العامة لإقرارها بأن السيادة على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، تبقى بشكل أساسي للشعب الفلسطيني الخاضع تحت الاحتلال. وبهذا الصدد، قال السيد شعوان جبارين، مدير عام مؤسسة الحق "نرحب بتبني المدعية العامة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والسيادة الدائمة. كما نشكر المدعية العامة على التزامها المستمر بقضية العدالة والمساءلة في فلسطين، ذلك أن جهودها المتواصلة تعطينا الأمل بأن تتم محاسبة مرتكبي اكثر الجرائم الدولية فظاعة بما فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتقديمهم للعدالة."
وبالرغم مما تقدم ، فإن مؤسسة الحق تتحفظ على بعض ما ورد في رد المدعية العامة. فقد كان من المؤسف، على وجه التحديد، أن ترفض المدعية العامة إعادة النظر في موقفها السابق حول استثناء المنطقة الاقتصادية الخالصة، من الاختصاص الإقليمي للمحكمة.[2] وهذه المنطقة هي المياه الإقليمية الواقعة ضمن مسافة تبلغ 200 ميل بحري من ساحل دولة ما، علمًا أن مؤسسة الحق والمؤسسات الشريكة، وهي: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الضمير كانت قد دفعت باتجاه تضمين المنطقة الاقتصادية الخالصة لفلسطين.[3] كما تعبر "الحق" عن قلقها حيال استمرار ارتكاب جريمة النهب في البحر، وهي جريمة الاستيلاء غير القانوني على الموارد الطبيعة البحرية الفلسطينية، والاعتداءات الممنهجة على الصيادين الفلسطينيين على ساحل غزة. وفي ذات الوقت، فإن مؤسسة الحق تعبر عن قلقها أيضًا حيال استمرار المدعية العامة برفض اتخاذ إجراء فيما يتعلق بقضية مافي مرمرة.
تؤكد مؤسسة الحق مجددًا على استمرار موقفها الداعم للمدعية العامة، وترحب بجهودها المتواصلة في فلسطين. وفي نفس الوقت ، فإن "الحق" ترى أن قيام المدعية العامة بفتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة أصبح اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، خصوصًا أن إرهاصات ضم أجراء من الضفة الغربية باتت تلوح في الإفق. وما يزيد من الحاجة للشروع بالتحقيق أن الفلسطينيين انتظروا حوالي عشر سنوات، منذ أن بدأوا جهودهم للوصول للعدالة من خلال الانضمام للمحكمة، دون أن يتم انصاف الضحايا حتى الآن. وقد دأبت مؤسسة الحق طوال المدة على الدعوة من اجل السعي لتحقيق العدالة والمساءلة وانهاء سياسة الإفلات من العقاب من خلال تقديم مواد موثقة وأدلة مفصلة لمكتب المدعية العامة حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي سياق مساندتها المستمرة للمحكمة وللمدعية العامة نصرة للعدالة ودعمًا لجهود المساءلة في الأرض الفلسطينية المحتلة قامت مؤسسة الحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومؤسسة الميزان ومؤسسة الضمير في 29 نيسان 2020 بنشر ورقة مفصلة في مواجهة الحجج التي تمت إثارتها من قبل جهات أخرى لعرقلة فتح تحقيق جنائي في فلسطين. وقد تم ارسال هذه الوثيقة لمكتب المدعية العامة كذلك. وفي اليوم ذاته، أصدرت مؤسسة الحق ورقة توعوية تعريفية بالمحكمة ودورها، وخصوصًا فيما يتعلق بالحالة في فلسطين، وقد جاءت الورقة على شكل أسئلة وأجوبة.
وختامًا فإن "الحق" تدعو الدول الأطراف في نظام روما الأساسي لدعم المدعية العامة في جهودها لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب في فلسطين، ,خصوصًا في ظل التهديدات الأخيرة الموجهة ضد المحكمة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يحتم على المجتمع الدولي ان يدعم المدعية العامة وموظفيها. كما ندعو بشكل خاص الدول الأطراف التي قدمت إفادات أصدقاء المحكمة تعارض فيها اختصاص المحكمة الإقليمي في الأرض الفلسطينية المحتلة ان تدعم وتتبنى التحليل الذي أوردته المدعية العامة في ردها على الإفادات.
[1] ICC, Situation in the State of Palestine: Prosecution Response to the Observations of Amici Curiae, Legal Representatives of Victims, and States (30 April 2020) ICC-01/18-131, available at: https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2020_01746.PDF (henceforth the “Prosecution Response”).
[2] See Prosecution Response, para 97-99.
[3] PCHR, Al-Haq, Al Mezan, and Al-Dameer, Situation in the State of Palestine: Palestinian Centre for Human Rights, Al-Haq, Al Mezan Center for Human Rights, Al-Dameer Association for Human Rights, Submission Pursuant to Rule 103 (16 March 2020) ICC-01/18-96, para 67-72, available at: http://www.alhaq.org/cached_uploads/download/2020/03/19/amicus-march-2020-16-march-1584611550.pdf.