بيان مشترك لمنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإقليمية والدولية
في اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري
حان الوقت للاعتراف بوجود الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والعمل لإنهائه
التاريخ: 21 آذار 2020
يصادف اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري الذكرى الـ 60 لمذبحة شاربفيل، التي وقعت خلال حقبة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عام 1960. في شاربفيل، في مثل هذا اليوم، أطلقت الشرطة النار وقتلت 69 شخصاً خلال تجمع سلمي ضد قانون الاجتياز العنصري المفروض على السود والهنود والملونين من جنوب أفريقيا، ممن تزيد أعمارهم عن 16 عاماً، الذي كان يفرض عليهم استخراج وثائق للسماح بوجودهم في مناطق محظورة، كوسيلة للحد من حريتهم في التنقل، الأمر الذي أثار غضباً في جميع أنحاء العالم، ودفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ تدابير فعالة لمحاربة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، الذي انتهك مقاصد ميثاق الأمم المتحدة؛ بما فيها "لإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب" وضمان "احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز". ومنذ ذلك الحين، تم تصنيف نظام الفصل العنصري والعديد من عناصره كجرائم ضد الإنسانية.
بينما تتجدد ذكرى مذبحة شاربفيل، تتجدد معها الإشارة للعواقب الوخيمة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ومدى تهديده للحقوق والحريات والكرامة الإنسانية. الأمر الذي يؤكد أنه قد حان الوقت لوضع حدٍ لهذا النظام القائم على القمع الممنهج، ويدفعنا لمواصلة العمل من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والفصل العنصري في جميع أنحاء العالم، الذي لن ينته طالما استمر الفصل العنصري في فلسطين.
خلال عقود متوالية، أسست اسرائيل نظام فصل عنصري ضد الشعب الفلسطيني، وعملت على الحفاظ عليه عبر فرض سلسلة من القوانين والسياسات والممارسات المصمَّمة لفصل الفلسطينيين وتجزئتهم وعزلهم. إذ تم تقسيم الشعب الفلسطيني قانونياً وسياسياً وجغرافياً، بشكل عمدي، وذلك لأربع مجالات منفصلة، هم: الفلسطينيون حملة الجنسية الإسرائيلية، والفلسطينيون المقيمون في القدس، والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة الخاضعين للقانون العسكري الإسرائيلي، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين المنفيين في الشتات، على النحو المشار له في تقرير 2017 الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
بموجب هذه التجزئة، تضمن اسرائيل منع الشعب الفلسطيني من الالتقاء أو التجمع أو العيش المشترك، أو حتى ممارسة أي من حقوقه الجماعية. كما وتعزز هذه الشرذمة وهم أن الفلسطينيين ليسوا شعباً واحداً، وتدعم بشكل مباشر نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وقد بات من الواضح اتباع اسرائيل سياسات العزل والفصل والتجزئة بغية تقويض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير؛ بما في ذلك من السيادة الدائمة على ثرواته وموارده الطبيعية، بينما من خلال هذه السياسات أيضاً، تحاول اسرائيل إضفاء الشرعية على الادعاء هذا الحق لنفسها.
لقد اقترن تشتيت إسرائيل وتجزئتها للشعب الفلسطيني على مر السنين بحرمانه من سبل العيش التي عليها توفيرها، كذلك الحرمان التدريجي من المأوى والأرض والموارد الطبيعية، والسيادة الغذائية والإنتاج الاقتصادي. وذلك من خلال الانتهاك الممنهج لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم وممتلكاتهم، والحرمان من الحق في الإقامة ولم شمل الأسرة، ومن حرية التنقل، والقيود المفروضة على الوصول، بالإضافة للتقسيم والتخطيط التمييزيين للمناطق، وغيرها. كما خلقت إسرائيل بيئة قسرية مستمرة تؤدي إلى استمرار عمليات النقل والتهجير للفلسطينيين. التي بدورها تؤدي إلى استعمار فلسطين وإحداث تغيير جذري في التركيبة الديموغرافية التاريخية، بما يمنح الأفضلية لليهود الإسرائيليين.
في استمرار بحماية منهج الإفلات من العقاب، حافظت إسرائيل على نظامها المؤسسي الذي يسيطر على حياة الفلسطينيين ويمنعهم، بشكل كبير، من مقاومة الفصل العنصري الإسرائيلي.
وللحفاظ على نظامها في الفصل العنصري، ارتكبت إسرائيل انتهاكات عديدة؛ مثل العقوبات الجماعية واسعة النطاق، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة، فضلاً عن الجهود الاسرائيلية المبذولة لتكميم الأفواه المعارضة للفصل العنصري، بالإضافة إلى آلية التضليل الإسرائيلية المعروفة بخطاب الكراهية وتشويه نضال الفلسطينيين من أجل التحرر.
تاريخياً، لعب المجتمع المدني دولياً دوراً فعالاً في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. واليوم، أصبح من الضروري على دول المنطقة والمجتمع الدولي أن تدرك استمرار قيام اسرائيل بترسيخ واستدامة هذه الجريمة بحق الشعب الفلسطيني، رغم حظرها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وقانون المعاهدات، والقواعد الآمرة للقانون الدولي. فمن المؤسف أن تشترك العديد من الدول الغربية مع إسرائيل في هذه الجريمة، بل كذلك الولايات المتحدة التي تكافئ سلوك الفصل العنصري الإسرائيلي من خلال ما تسميه إدارة ترامب "خطة السلام".
لم تكن التناقضات ومخاطرها واضحة أبداً كما اليوم، فقد حان الآن على الأمم المتحدة، ودولها الأعضاء في جميع مجالاتها الحكومية، بما في ذلك من بلديات وسلطات محلية، للإدراك والاعتراف بواقع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والتصرف وفقاً لالتزاماتها باحترام القانون والنظام الدولي، ليس ذلك فحسب، بل واتخاذ تدابير فعالة من شأنها إنهاء هذا الوضع غير القانوني.
وبينما نستذكر مرور 60 عاماً على مذبحة شاربفيل في جنوب أفريقيا، يجب علينا بذل المزيد من الجهود لضمان أن إرث الفصل العنصري، وجميع أشكال التمييز والقمع العرقي الأخرى، تم اقتلاعها بشكل كامل، وبالطريقة نفسها التي سقط بها الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. إذ يجب اليوم على مدافعي حقوق الإنسان والقانون الدولي والعدالة الاجتماعية والمساواة ممارسة الضغط لدعم الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
وعليه، تحث المنظمات الموقعة أدناه الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، والمجتمع الدولي كاملاً على تنفيذ كافة القرارات الصادرة بالخصوص، كقرار مجلس الأمن رقم 465 لعام 1980، الذي دعا جميع الدول إلى "عدم تزويد إسرائيل بأي مساعدة لاستخدامها على وجه التحديد فيما يتعلق بالمستوطنات في الأرض المحتلة". كما تدعو إلى اتخاذ إجراءات فعالة جديدة لإنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، بما في ذلك إعادة تشكيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري، وذلك لضمان تنفيذ الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها ومن أجل وضع حد للفصل العنصري في القرن الواحد والعشرين.
المنظمات الموقعة:
مؤسسة الحق
الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن
شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية
مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان
مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
لمزيد من المعلومات:
المنظمات الفلسطينية والإقليمية والدولية ترسل تقريرا بشأن الفصل العنصري الإسرائيلي للجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري.