تتوجه "الحق" بالتهنئة للنساء بشكل عام وللمرأة الفلسطينية بشكل خاص في كافة أماكن تواجدها بمناسبة الثامن من آذار، حيث يحيي العالم هذه المناسبة كل عام للتأكيد على وجوب احترام حقوق النساء، والعمل على تعزيزها في كافة الميادين، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في جميع المجالات، منها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتشريعية وما يتبعها من التطبيق العملي.
تنتهز "الحق" هذه المناسبة لتعبر عن دعمها لصمود المرأة الفلسطينية على الأرض، وما تشكله من حالة نموذجية في معركة التحرر من الاحتلال، حيث تكافح النساء الفلسطينيات في مدينة القدس المحتلة أقسى أشكال الظلم والتمييز من تشتيت للعائلات وعدم السماح بلم شملهن ، وفرض الإقامة الجبرية
ويتجسد صمود المرأة الفلسطينية المقدسية بتحمل سياسة الاحتلال في هدم المنازل بحجج عدم الترخيص، وعدم السماح للسكان المدنيين في القدس بالبناء، وتعريضهن للعنف والايذاء البدني، والاعتقال، والابعاد خارج مدينة القدس، بل وحرمانهن من الدخول للأماكن المقدسة.
سطرت المرأة الفلسطينية حالة من الصمود والتحدي في مواجهة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات، وشكلت رافعة للعائلة الفلسطينية في مواجهة حالة التهجير الناتجة عن الهجومات العسكرية المستمرة للاحتلال الإسرائيلي على القطاع والتي تسببت في هدم المنازل والمنشآت وتشريد عائلات بأكملها، وما شكله من أعباء وحرمان وتحمل للعيش في ظروف اقتصادية بائسة، وأحوال جوية سيئة صيفاَ وشتاءً، فضلا عن تردي الأوضاع المعيشية وزيادة معدلات البطالة والفقر، وتلوث المياه والبيئة، وصعوبة الحصول على الخدمات الصحية والرعاية الأولية.
شكلت المرأة الفلسطينية -حالها كحال المدنيين الفلسطينيين- هدفا مباشراً وغير مباشر لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، فقد تعرضت للاستهداف المباشر بالقتل، والجرح، والاعتقال، والمنع من التنقل، وعانت من الاقتحامات الليلية للمنازل، ومصادرة للأرض، والمنع من الوصول إلى الأرض الزراعية وتشييد جدار الضم. فما زال عدد من الأسيرات الفلسطينيات يقبعن في سجون الاحتلال ضمن سياسة الاعتقال الإداري الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي على نحو مخالف للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويتعرضن للاعتداءات من قبل المستوطنين بحماية من جنود الاحتلال.
وترى "الحق" أن حالة الانقسام السياسي القائم تلقي بظلالها على واقع الحقوق والحريات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا سيما على صعيد تمتع المرأة بحقوقها المكفولة بموجب الاتفاقيات الدولية التي انضمت لها دولة فلسطين. كما أن غياب إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ينعكس سلبا على حقوق النساء، وبخاصة القيود القانونية التي تحد من تمتعهن بحقوقهن في التشريعات النافذة الموروثة من حقب تاريخية غير متوائمة مع التطور الحاصل على صعيد حقوق الإنسان والحياة العامة.
كما أن استمرار حالة الانقسام السياسي وما يرافقه من عرقلة لاجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية يؤثر بشكل كبير على تمثيل النساء في موقع صنع القرار، ويحد من تمتعهن بحقهن بالمشاركة السياسية، والتي لا زالت دون المستوى، سواء من حيث نسبة المشاركة أو التمثيل، وهذا يتطلب القيام باتخاذ خطوات على صعيد زيادة نسبة تمثيل النساء في مواقع صنع القرار، وزيادة نسبة تمثيل النساء في القوانين الانتخابية من خلال تفعيل التدابير الخاصة المؤقتة بهذا الخصوص.إن ما شهده المجتمع الفلسطيني في العام 2019 من جدل واسع حول حقوق المرأة، وانضمام فلسطين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، يتطلب مزيداً من الجهود على صعيد رفع حالة الوعي بحقوق النساء في المجتمع الفلسطيني، حيث لا زالت ظاهرة قتل النساء قائمة، وحالات العنف ضد المرأة مستمرة في ظل ضعف السياسات والإجراءات المتخذة في مواجهة هذه الظواهر، بما ينهض بواقع النساء من خلال تطوير المنظومة التشريعية والتدابير الخاصة لتعزيز حقوقهن في كافة المجالات وفق مبدأ المساواة وعدم التمييز.
وترى "الحق" أن بطء اتخاذ التدابير الخاصة بحماية النساء من العنف، وأهمها بقاء مشروع قانون حماية الأسرة من العنف قيد النقاش لأكثر من خمسة عشر عاماً يعبر عن غياب الرؤية والإرادة الجادة في مكافحة العنف ضد النساء، ويعيق وصول النساء إلى العدالة، ويخل بالتزامات دولة فلسطين المترتبة على انضمامها للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وبخاصة اتفاقية "سيداو".
وبهذه المناسبة تؤكد مؤسسة الحق على ما يلي:
- اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بتعزيز صمود المجتمع الفلسطيني وبخاصة النساء في مواجهة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ومحاولات الضم، وتوفير الموازنات والموارد لتنفيذها.
- ضرورة انهاء الانقسام واجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإعادة الحياة الديمقراطية واحترام سيادة القانون واستقلال القضاء.
- اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة بما يكفل وصول النساء إلى العدالة.
- اجراء مراجعة شاملة لكافة الخطط الوطنية والقطاعية ومواءمتها مع التزامات دولة فلسطين المترتبة على الانضمام للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بما يشمل تحديث التشريعات وإعداد الاستراتيجيات ووضع التدابير المناسبة، وتوفير الموارد الخاصة لتنفيذها.
- العمل على رفع تمثيل النساء في مواقع صنع القرار، من خلال اتخاذ تدابير خاصة مؤقتة في التشريعات الانتخابية، ووضع الخطط والتدابير الكفيلة لضمان فاعلية النساء في تلك المواقع.