شاركت مؤسسة الحق يوم الخميس، الموافق 11 تموز 2019، في ورشة العمل الاستراتيجية حول حماية الرعاية الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، نظمتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية ومكتب مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في فندق الكرمل في رام الله. جمعت الورشة الاستراتيجية، مجموعة واسعة من المشاركين، بما في ذلك العاملين/ات في مجال الصحة ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية العاملة في المجال الطبي ومجال حقوق الإنسان، وممثلي وكالات الأمم المتحدة في فلسطين وجنيف، واستهدفت الورشة مراجعة مدى وطبيعة وتأثير الهجمات على الرعاية الصحية في فلسطين، وفهم الثغرات في النهج الحالي لحماية الرعاية الصحية، وتحديد التدخلات الاستراتيجية الرئيسية والممارسات الفضلى لتعزيز حماية الرعاية الصحية في فلسطين.
تحدث خلال الورشة؛ عدد من العاملين والمتضررين في مجال الصحة، الذين نقلوا تجاربهم العملية وعبروا عن البيئة الصعبة التي يعملون فيها عند تقديم الرعاية الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، نتيجة للقيود الشديدة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلية على حرية التنقل، بما يؤدي إلى تأخير وأحياناً الحرمان من الوصول للرعاية الصحية، وما يترتب عليه من عواقب تهدد الحياة. وقد صف العاملون في مجال الصحة والمتضررون الإجراءات اللاإنسانية التي تتطلب نقل المرضى، بمن فيهم الاطفال، من سيارة إسعاف إلى سيارة إسعاف أخرى على الحواجز الإسرائيلية بالإضافة إلى عمليات التفتيش الإلزامية التي تفرضها سلطات الاحتلال على سيارات الإسعاف الفلسطينية التي تصل إلى المستشفيات الإسرائيلية في القدس الشرقية؛ بما يشمل الحالات التي تُهدد الحياة. كما وعرض أحد العاملين في مجال الصحة تجربته الخاصة في التعامل مع الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد المسعفين في مخيم الدهيشة في 27 آذار 2019 عندما أطلقت قوات الاحتلال النار على المسُعف المتطوع، ساجد مزهر، 17 عاما، بينما كان يحاول أن يُسعف شاباً مصاباً.
وتحدثت رانية محارب، الباحثة القانونية في مؤسسة الحق، عن الهجمات واسعة النطاق والممنهجة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية ضد الطواقم الطبية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وسلطت محارب الضوء على التصعيد الخطير في الهجمات التي تشنها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على العاملين/ات في مجال الصحة، والتي أدت الى ارتقاء خمسة مسعفين فلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ 30 آذار 2018؛ من بينهم أربعة استشهدوا خلال مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة المحتل.
وأضافت محارب أن هذا الاستهداف الممنهج قد يشكل جرائم الحرب، حسب نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، واستعرضت جهود مؤسسة الحق في دحض مزاعم جيش وإعلام الاحتلال الإسرائيلي بشأن مقتل المسعف الفلسطيني في الإغاثة الطبية ساجد مزهر (17 عاماً) في مخيم الدهيشة يوم 27 آذار 2019، مشددة على أن الحملة الإسرائيلية واسعة النطاق ضد ساجد مزهر لم تهدف فقط إلى تبرير قتله اثناء عمله كمسعف، وانما كانت تستهدف القطاع الصحي الفلسطيني ككل. وشددت على الحاجة الملحة للمساءلة عن الهجمات الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يشمل فتح تحقيق من قبل الادعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ توصيات لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة؛ والتي تضمنت عدداً من التوصيات الرئيسية حول حماية الرعاية الصحية وانفاذ الحق في الصحة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى دعوتها لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لرفع حصارها غير القانوني لقطاع غزة منذ 12 عاماً الذي جعل من قطاع غزة غير قابل للحياة الآدمية ويصل إلى حد العقاب الجماعي المحظور حسب القانون الدولي الإنساني. وفي النهاية أكدت الباحثة محارب إنه في ظل استمرار غياب الجهود الحقيقية والسعي المستمر للمساءلة، فإن الهجمات ضد المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك العاملين في مجال الصحة، ستستمر، نتيجة استمرار سياسة إفلات إسرائيل من العقاب.
وتضمن الجزء الثاني من ورشة العمل موضوع "تعزيز الحماية الصحية"، وقد نظمت منظمة الصحة العالمية خلاله ثلاث مجموعات عمل للبحث في المواضيع التالية: المراقبة والتوثيق، والمناصرة والوقاية، والتنسيق والتدخلات للتخفيف من حدة الهجمات على الرعاية الصحية في فلسطين. فيما يَسَّرت "الحق" الى جانب منظمة الصحة العالمية مجموعة المناصرة والوقاية، التي تناولت أدوات المناصرة للوقاية من الانتهاكات للحق في الصحة، بما في ذلك تطوير حملات مستهدفة، وأهمية البحث العلمي وجمع البيانات والمساءلة. ودرست مجموعة العمل جهود مناصرة سابقة نجحت في تعزيز الحق في الصحة في فلسطين، بما في ذلك جهود مؤسسات المجتمع المدني في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف وعلى مستوى دول الاتحاد الأوروبي، وتناولت المجموعة أيضاً الانتهاكات والتحديات التي تواجه قطاع الصحة الفلسطيني. وفي نهاية الجلسة، اتفق المشاركون على إنشاء مجموعة استجابة للطوارئ لتنسيق الجهود بشكل أفضل في مواجهة انتهاكات الحق في الصحة عموماً في فلسطين.
لقراءة بيانات وتقارير مؤسسة الحق الأخيرة بشأن الهجمات على الرعاية الصحية والحق في الصحة:
- مؤسسة الحق تدحض مزاعم الجيش والإعلام الإسرائيلي بشأن مقتل المُسعف ساجد مزهر بمخيم الدهيشة (8 نيسان 2019)
- منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والإقليمية والدولية تدعو لاتخاذ الإجراءات المطلوبة قُبيل إحياء الذكرى السنوية الأولى لمسيرة العودة الكبرى (27 آذار 2019)
- مؤسسة الحق تدين قتل قوات الاحتلال مسعفة في قطاع غزة، وتدعو إلى فرض عقوبات على دولة الاحتلال (3 حزيران 2018)
لأية استفسارات، يرجى الاتصال بفريق المناصرة في مؤسسة الحق، على البريد الالكتروني التالي: [email protected].