التاريخ مستمر | النشر 20 ديسمبر 2023 | الموقع بيت لاهيا، غزة |
بتكليف من بحث مستقل | المنهجيات النمذجة ثلاثية الأبعاد، مطابقة الصور، البحث مفتوح المصدر، مطابقة الاحداثيات، تحليل الأنماط | المجال الإعلام، المناصرة الدولية، المحاسبة القانونية |
الموضوع الغارات الجوية، الهجمات على مؤسسات الرعاية الصحية، القبور الجماعية | ||
تصفح المنصة |
ملخص التحقيق
أطلقت وحدة الإستقصاء المعماري التابعة لمؤسسة الحق منّصة تفاعلية لمطابقة مواقع الفيديوهات المنتشرة جغرافيًا، وتحليل الهجمات الإسرائيلية على منشآت الرعاية الصحية وبشكل خاص المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة، وذلك خلال العدوان الأخير الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023.
جمع وتصنيف الأدلة البصرية من المصادر المفتوحة
من خلال توثيق ومطابقة المواقع الجغرافية الدقيقة للصور والفيديوهات المستمدة من وكالات أنباء مختلفة ومنصات المصادر المفتوحة التي تغطي أشكالاً متنوعة من الانتهاكات في غزة، قمنا بجمع فيديوهات توثق لمئات الحوادث وتحليلها والتحقق منها بشكل منهجي وتخزينها في قاعدة بيانات بصرية. تشير قاعدة البيانات الخاصة بالإنتهاكات في غزة إلى أن النظام الصحي في شمال غزة بالتحديد قد تم استهدافه بشكل منهجي منذ بداية العدوان على القطاع المحاصر، حيث كان أول هجوم على المستشفى الإندونيسي، وهو إحدى أكبر المستشفيات في شمال غزة، في 7 أكتوبر. يؤكد تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نتائجنا كذلك، حيث أفاد التقرير أنه حتى 25 يناير 2024، كان 14 مستشفى فقط من أصل 36 في غزة قادرا على العمل جزئيًا. وبالتالي تتبعنا هذه الهجمات وقمنا بالتركيز في بحثنا على المستشفى الأندونيسي ومحيطه، وتوثيق المواد البصرية ومقارنتها وتحليلها، وبناء خط زمني للأحداث.
تحديد الأنماط
تشير تحليلاتنا إلى وجود نمط متكرر ومنسق للهجمات على المستشفيات في مختلف أنحاء قطاع غزة، مقسم إلى أربع مراحل كما يلي: الترهيب، الاستهداف المباشر، الحصار، والاقتحام.
استندت نتائجنا بشكل أساسي إلى مجموعة واسعة من الأدلة البصرية الموثقة للهجمات على المستشفى الإندونيسي، الذي يُعدّ من أكثر المنشآت الصحية استهدافًا في غزة. قمنا بعد ذلك ببناء نموذج ثلاثي الأبعاد للمستشفى استنادًا إلى عشرات الفيديوهات التي تم جمعها والتحقق منها. استخدمنا النموذج لتحديد المواقع الجغرافية لمئات الحوادث المرتبطة بالهجمات الإسرائيلية على هذا المستشفى.
أظهر التحليل النمط المنهجي للهجوم على المستشفى الإندونيسي من خلال المراحل الأربع المذكورة أعلاه (كما سيتم تسليط الضوء عليها في القسم القادم). علاوة على ذلك، وثّق زملاؤنا في "فورنزك آركتكتشر" نمطًا مشابهًا للهجمات على مستشفى الشفاء، في خريطة توثق الهجمات العسكرية الإسرائيلية على البنية التحتية الطبية في غزة.
المراحل الأربع للهجوم الإسرائيلي على المستشفى الإندونيسي
المرحلة الأولى: الترهيب
في 7 أكتوبر 2023، أفادت وسائل الإعلام أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت غارة جوية بالقرب من المستشفى الإندونيسي، أسفرت عن مقتل شخصين، أحدهما من العاملين في المستشفى، وإصابة خمسة آخرين. كانت هذه أول هجمة يتم الإبلاغ عنها في محيط المستشفى ومناطقه المجاورة.
تسببت هذه الهجمات في حالة من الذعر والخوف الشديد بين المدنيين والمرضى الذين احتموا داخل المستشفى، مما عرض حياتهم للخطر. تشكل هذه الهجمات جزءًا من حملة ترهيب رافقتها ممارسات قسرية أخرى، مثل إسقاط منشورات وأوامر بنقل الفلسطينيين إلى المناطق الجنوبية من غزة – وهي مناطق وثّقت تقاريرنا أنها مستهدفة أيضًا من قبل قوات الاحتلال.
المرحلة الثانية: الاستهداف المباشر
تُظهر اللقطات التي جمعناها أن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت في استهداف المناطق المباشرة المحيطة بالمستشفى، حيث كان مئات المرضى والمدنيين قد لجأوا إلى المشفى من المناطق المجاورة ، وذلك في 11 نوفمبر. توضح اللقطات المتوفرة من هذا اليوم أن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع إلى الغرب من المستشفى الإندونيسي بقصف عنيف.
قمنا بتحليل هذه اللقطات ومقارنتها مع صورة للموقع بعد الحادث، والتي تؤكد الدمار في هذه المناطق. وفي مساء نفس اليوم، استهدفت قوات الاحتلال منطقة قريبة من المستشفى مجددًا، متجاهلة سلامة المتواجدين داخله. وتُظهر اللقطات الموقعة جغرافيًا أن الشظايا والأجسام المتطايرة من الانفجار أصابت المستشفى، مما تسبب في أضرار له وهدد حياة المدنيين والمرضى الذين احتموا داخله.
المرحلة الثالثة: الحصار
في 20 نوفمبر، تم رصد دبابات إسرائيلية تقترب من المستشفى الإندونيسي من منطقة الشيخ زايد في الشمال الشرقي. من خلال متابعة تدمير المناطق السكنية في شمال غزة، لاحظنا أن اثنين من المباني السكنية العالية التي ظهرت في هذه اللقطات تم تدميرهما لاحقًا.
تثبت اللقطات التي قمنا بتحليلها أنه في غضون ثلاث ساعات من اقتراب دبابات قوات الاحتلال الإسرائيلي من المستشفى الإندونيسي، شنت القوات هجومًا على مدرسة الحلب المجاورة، وتم رصد جنود الاحتلال وهم يطلقون النار على الجدران.
وفي مساء نفس اليوم، نشبت حرائق في محيط المستشفى من الجهة الشرقية نتيجة قصف قوات الاحتلال الثقيل على المنطقة. وفقًا للشهادات التي جمعناها، كان الاحتلال قد قطع تمامًا الاتصال بين المستشفى الإندونيسي ومحيطه، ووضعه تحت حصار.
الحصار الكامل على المستشفى خلق حالة من الرعب بين العاملين في القطاع الصحي والمرضى داخل المستشفى، ومنعهم من الهروب من المستشفى والمدارس المحيطة به. نتيجة لذلك، شعر العاملون والمرضى واللاجئون الذين احتموا في المستشفى بخوف من هجوم وشيك من قبل قوات الاحتلال على المستشفى.
المرحلة الرابعة: الاقتحام المباشر
وفقًا للرسائل المنشورة عبر الإنترنت من قبل شهود عيان في المنطقة وانه خلال الهجمات على المستشفى الإندونيسي في 24 نوفمبر في الساعات الأولى من الصباح، فقد استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر المولدات الكهربائية بالمستشفى. في شهادة مسجلة من نفس اليوم، أفاد الشهود أن الجنود الإسرائيليين اقتحموا المستشفى وأخلوا المكان بالقوة. وفقًا للتقارير الرسمية للجيش، غادرت القوات المستشفى بعد خمس ساعات، حوالي الساعة 10:00 صباحًا.
لم نتمكن من توثيق أي لقطات خلال هذا الاقتحام للمستشفى. ومع ذلك، تُظهر اللقطات التي نُشرت على الإنترنت في 30 نوفمبر أي بعد حوالي ستة أيام أضرارًا واسعة في داخل المستشفى بعد الاقتحام. كما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أنه تم قتل امرأة واثنين من الرجال خلال هذا الاقتحام، بينما تم اعتقال فلسطينيين من داخل المستشفى.
تقرير نشرته قناة الجزيرة في 30 نوفمبر يوضح الأضرار الكبيرة التي لحقت بجدران المستشفى ومحيطه أثناء الاقتحام. تظهر اللقطات أن هجوم قوات الاحتلال على المنشأة أدى إلى تدمير المدخل الرئيسي والساحة الأمامية. يظهر مقطع أخر من اللقطات التي تم التقاطها في 23 نوفمبر، أي قبل يوم من الاقتحام، مشاهد مروعة لجثث متراكمة خارج مشرحة المستشفى بينما كان يتم إخراج الأشخاص بالقوة.
يُظهر نمط الهجمات على المستشفى الإندونيسي، الذي تألف من أربع مراحل، محاولات متعمدة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لتدمير المنشأة وجعلها غير صالحة للعمل. لا يزال بحثنا مستمرًا حول استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية المدنية بشكل منهجي وواسع النطاق.
الخاتمة
بينما نواصل توثيق المواد البصرية حول الإنتهاكات بحق مؤسسات الرعاية الصحية، أصبح من الواضح أن نمط الهجوم على المستشفى الإندونيسي لم يكن استثنائيًا. بل، منذ بداية الحرب على غزة، تم استهداف مستشفيات مثل مستشفى الشفاء في حي الرمال، ومستشفى ناصر في مدينة غزة، ومستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وغيرها، بطريقة مشابهة من التدمير والإخلاء القسري. إن تأثير هذا النمط المنهجي والواسع النطاق في استهداف البنية التحتية الطبية وطرد المدنيين الباحثين عن العلاج والمأوى اصبح التعامل الاساسي الوحشي لجيش الاحتلال ضد غزة ومستشفياتها.