التاريخ يناير - فبراير 2023 | النشر 8 مايو 2023 | الموقع جنين/نابلس - الضفة الغربية |
بتكليف من بحث مستقل | المنهجيات البحث الميداني، مطابقة الاحداثيات، البحث مفتوح المصدر | المجال الإعلام، المناصرة الدولية |
الموضوع المداهمات، الهجمات الإسرائيلية، استراتيجية "الأرملة القاتلة"، عمليات "القدر المضغوط"، تقنيات الجيش الإسرائيلي | ||
تصفح المنصة هنا |
مُلخص الحادثة
منذ أوائل عام 2022، كثّفت إسرائيل من غاراتها العسكرية وهجماتها، وحملات الاعتقالات الجماعية، وزادت من استخدامها لسياسة "إطلاق النار للقتل" وممارسات العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك الجزء الشرقي من القدس التي تم ضمها، بهدف قمع تصاعد المقاومة الفلسطينية.
الغارات الإسرائيلية المتكررة على المدن الفلسطينية، والتي أصبحت واقعًا يوميًا تقريبًا، شهدت تصعيدًا كبيرًا منذ بداية عام 2022. خلال ذلك العام، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون الإسرائيليون 192 فلسطينيًا، من بينهم 44 طفلًا، في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. هذه الهجمات واسعة النطاق تشكل جزءًا من نمط العقاب الجماعي المصمم لقمع أي شكل من أشكال المقاومة لنظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي.
- منزل عائلة الصباغ تلتهمه النيران بعد استهدافه بصواريخ إسرائيلية مضادة للتحصينات، مما يبرز حجم الدمار الذي خلفه الهجوم العسكري.
بعد أقل من أسبوع على الهجوم الإسرائيلي الأخير على نابلس في 4 مايو 2023، وبالتعاون مع مؤسسة فورنزك آركتكشر في جامعة جولدسميث - لندن، أطلقت مؤسسة الحق منصة تفاعلية تسرد وتحلل هجومين كبيرين شنتهما القوات الإسرائيلية على جنين ونابلس في يناير وفبراير من هذا العام.
من خلال تحديد المواقع الجغرافية (مطابقة الاحداثيات) وعرض لقطات أصلية وحصرية جمعتها طواقم البحث الميداني لمؤسسة الحق من جنين ونابلس خلال ساعات من وقوع المداهمات، تُظهر هذه المنصة التفاعلية كيفية استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي جنودًا متخفين بزي مدني لاختراق المدن والمخيمات الفلسطينية. وكشفت نتائجنا كيف قامت قوات الاحتلال باستخدام منازل الفلسطينيين التي تمت مداهمتها، محولة إياها إلى قواعد عسكرية للتخفي وإطلاق النار، الأمر الذي يعرّض حياة الأسر القاطنة للخطر. ومن هذه الممارسات التدميرية أيضا ما يعرف باستراتيجية "القدر المضغوط" وتشمل إحكام الطوق الكامل على المبنى المستهدف وإطلاق صواريخ مضادة للتحصينات عليه، ما يؤدي إلى أضرار واسعة في المناطق المدنية المحيطة وسقوط المبنى المستهدف على من فيه من الفلسطينيين.
- صورة جوية لنادي جنين الاجتماعي للشباب بعد أن قامت الجرافات الإسرائيلية بهدم الساحة الخارجية في 26 يناير 2023. يظهر الدمار واضحًا حيث تغطي الأنقاض المنطقة المحيطة، بينما تظهر المركبات والمارة وهم يتفقدون آثار الهدم.
تفاصيل الاحداث
الهجوم على مدينة ومخيم جنين: 26 يناير 2023
نفّذت قوات الاحتلال الإسرائيلي في 26 يناير 2023 أعنف هجماتها العسكرية على مخيم جنين منذ الانتفاضة الثانية. وقع الهجوم على بُعد حوالي 500 متر من المكان الذي قتلت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة، وأسفرت أحداث هذا اليوم عن استشهاد عشرة فلسطينيين وإصابة حوالي 20 آخرين. استهدف هذا الهجوم العسكري أيضًا العديد من الممتلكات والبنى التحتية المدنية داخل مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين.
- الخريطة المكانية التفاعلية أعلاه توثق الهجوم الإسرائيلي على مدينة جنين في 26 يناير 2023. قم بالتمرير للتفاعل مع الخريطة واستكشاف المواقع الرئيسية، والأحداث، والبيانات المكانية المتعلقة بالهجوم.
تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على مدينة ومخيم جنين
- منزل عائلة القريني: استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلًا بالقرب من مبنى عائلة الصباغ سابق الذّكر، والذي كان الهدف الرئيسي لهذا الهجوم الإسرائيلي، باستخدام نوع ذخيرة تسبب في اندلاع حريق في بعض غرف المنزل. انتشر الحريق في جزء كبير من الطابق الثالث، حيث تقيم عائلة القريني، بما في ذلك أطفال العائلة الخمسة، مما عرض حياتهم للخطر.
- منزل عائلة أبو الهيجاء: عند مداهمة هذا المنزل، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتغيير توزيع الأثاث في داخل المنزل، محولة إيّاه إلى قاعدة للتمركز العسكري في مناورة تعرف بتقنية "أرملة القش". في غضون دقائق، أعادوا ترتيب أثاث غرفة المعيشة وقطّعوا قضبان النوافذ لإطلاق الصواريخ من المنزل نحو مبنى الصباغ الذي يقع على بعد حوالي 40 مترًا. لاحقا قامت قوات الاحتلال بتعصيب عيني الأب، وربط يديه، واحتجزته في الحمام لمدة 30 دقيقة، بينما وضعت الأم وطفليها الصغيرين في غرفة المعيشة بالقرب من النوافذ وسط إطلاق نار كثيف، مما عرض حياة العائلة للخطر.
- مبنى عائلة الصباغ: أحاطت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمبنى من اتجاهات مختلفة، وأطلقت صواريخ محمولة على الكتف و رصاص حي عليه من مبنيين سكنيين تم استخدامهما كنقاط للتمركز. تم ذلك دون أي تحذير للفلسطينيين داخل المبنى المحاصر. تظهر الأدلة البصرية الدمار الواسع الذي خلفه هجوم قوات الاحتلال على مبنى عائلة الصباغ. علاوة على ذلك، تظهر استخدام قوات الاحتلال لتكتيك يعرف بتقنية "القِدر المضغوط". هذه الطريقة في القتل العمد خارج نطاق القانون تتضمن التصعيد التدريجي لاستخدام القوة ضد هيكل المبنى المستهدف، في محاولة لإجبار أي أفراد داخله على الاستسلام. وفي حال عدم قيامهم بالاستسلام، تقوم قوات الاحتلال في النهاية بهدم المبنى على من فيه، مما يؤدي إلى مقتلهم.
- قتل ماجدة عبيد: حوالي الساعة 9:15 صباحًا، تم إطلاق النار على ماجدة عبيد- وهي جدة في الـ61 من عمرها- حيث أصابتها الطلقات في رقبتها وصدرها بينما كانت تنظر من نافذة شقتها في الطابق الرابع. تقع الشقة على بعد 60 مترًا من موقع قناصة قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين في منزل عائلة أبو الهيجاء.
الهجوم على مدينة نابلس وبلدتها القديمة: 22 فبراير 2023
في هذا اليوم، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومًا عسكريًا استمر أربع ساعات كاملة على الجزء الشرقي من البلدة القديمة في مدينة نابلس، مما أسفر عن مقتل عشرة فلسطينيين، وإصابة حوالي مئة آخرين، وتسبب هذا الهجوم في تدمير جزئي لأحد المباني المدنية.
- مرر للتفاعل مع الخريطة أعلاه التي توثق الهجوم العسكري لقوات الاحتلال الإسرائيلي على منطقة السوق الشرقي في البلدة القديمة - نابلس وتأثيره على حياة الفلسطينيين.
- تكتيكات التسلل والتخفي لقوات الاحتلال الإسرائيلي (قوات المستعربين): حوالي الساعة 9:30 صباحًا، تسلل سبعة جنود إسرائيليين متخفين في زي شخصيات دينية ونساء يرتدين النقاب إلى الجزء الشرقي من سوق نابلس وتوجهوا بعدها إلى المسجد الكبير في نابلس (مسجد صلاح الدين) في البلدة القديمة. وتستخدم هذه التكتيكات بشكل متكرر من قبل وحدات المستعربين، التي هي جزء من وحدات الشرطة الحدودية الإسرائيلية مثل دوفدوفان وياماس. وغالبًا ما تقوم هذه الوحدات بالاستيلاء على المنازل الفلسطينية لإنشاء نقاط تمركز عسكرية مؤقتة في تكتيك يعرف بـ "أرملة القش"، والذي يستهدف الفلسطينيين وعائلاتهم.
- تكتيك "القِدر المضغوط": أحاطت مجموعة من قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمنزل المستهدف في حي الحبلة في البلدة القديمة في نابلس. في الوقت نفسه، اقتحم جنود متخفون من قوات الاحتلال، إلى جانب جنود آخرين، شقة لعائلة فلسطينية في الطابق الثالث من المبنى المستهدف. قمنا بمعاينة مواد بصرية ترصد جندي إسرائيلي آخر وهو يطلق صاروخ مضاد للدبابات من نوع ( م 72 لاو ) من سطح مبنى عائلة بشتاوي إلى الجنوب من المنزل المستهدف في حي الحبلة، مما ألحق أضرارًا كبيرة في عدة أجزاء من المبنى، خاصة في الطابق الثاني.
هذا التكتيك، المعروف بإجراء "القِدر المضغوط"، ينطوي على تصعيد تدريجي للقوة ضد المبنى المستهدف لإجبار الأفراد الموجودين داخله على الاستسلام. إذا لم يمتثلوا، قد تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدم المبنى، مما يؤدي غالبًا إلى مقتل من فيه.
- تكتيك "الجيران الجيدين": أثناء الهجوم، احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي الطفل أنس الخليل، البالغ من العمر 16 عامًا، والذي تمتلك عائلته مطعم الخليل بمحاذاة المنزل المحاصر. تحت تهديد السلاح، قادت قوات الاحتلال أنس واثنين من أفراد عائلته وأجبرتهم على الانتقال إلى أبعد جزء من المنزل. ثم قامت قوات الاحتلال بربط عيني الطفل أنس وأخذته إلى الطابق الأول، الأمر الذي عرض حياته للخطر. هذه الخطوة جزء مما يعرف بـ "إجراء الجيران الجيدين" الذي تتبعه قوات الاحتلال٬ ويشمل هذا الإجراء استخدام الفلسطينيين المحليين للمساعدة في العمليات العسكرية، مما يضعهم غالبًا في مواقف خطيرة.
- تقنيات الاحتواء المناطقي: قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال إقتحام مدينة نابلس بنشر مركبات عسكرية بشكل استراتيجي لإغلاق جميع نقاط الوصول إلى الأحياء المستهدفة، مما أسفر عمليا عن حصار كامل ومنع الدخول والخروج من المناطق تحت الاستهداف. خلال الهجوم، استخدمت قوات الاحتلال المركبات المدرعة في تشكيلات مزدوجة لعزل المنطقة، وتقييد الحركة، وفرض الحصار على الأحياء المختلفة، مما منع حركة السكان المحليين.
- استهداف الصحفيين: أصيب ثلاثة صحفيين خلال هذا الاقتحام. حوالي الساعة 10:20 صباحًا، تم إطلاق النار على المصور الفوتوغرافي المستقل أحمد خلف في ذراعه على شارع الملك فيصل بالقرب من بلدية نابلس، ووصف أحمد إطلاق النار بأنه "كان شديدًا لدرجة أنه بدا وكأن قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت تطلق النار على أي شيء يتحرك". بعد ساعة تقريبا، تعرض مراسل تلفزيون فلسطين محمد خطيب لكسور في الصدر جراء جسم تم إطلاقه عليه من قبل قوات الاحتلال، بينما أصيب الصحفي أمير استيتية من قناة النجاح بجروح في أذنه اليسرى بسبب شظايا الرصاص أثناء تغطيته للهجوم على السوق الشرقي.
- سياسة "إطلاق النار بهدف القتل": حوالي الساعة 11:20 صباحًا، تم إطلاق النار على الشاب محمد عنبوسي البالغ من العمر 24 عامًا، والشاب جاسر قنعير البالغ من العمر 22 عامًا، في منطقة كرم عاشور بحي رأس العين، جنوب البلدة القديمة من مسافة تقارب 80 مترًا، حيث أطلقت مركبة إسرائيلية مدرعة من نوع "وولف" النار؛ وكشفت لقطات كاميرات المراقبة أن محمد تم إطلاق النار عليه أولاً في الجزء السفلي من جسده بينما كان يشعل الألعاب النارية، مما دفع جاسر للركض لمساعدته. وعندما هربا، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة طلقات نحوهما، وتركزت الإصابات في الجزء العلوي من الجسد، مما يدل على نية القتل عند مُطلق النار. لاحقًا، في الساعة 11:40 صباحًا في حارة القيسارية، تم إطلاق النار على المسن عدنان بعارة البالغ من العمر 71 عامًا عدة مرات من قبل قناص من قوات الاحتلال الإسرائيلي من مركبة ديفيد، مما أسفر عن إصابته في ساقه ورقبته وصدره وبطنه. تُظهر اللقطات أن المسعفين الذين حاولوا تقديم المساعدة تم استهدافهم أيضا، مما أخر تقديم المساعدة الطبية لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة.
في مكان آخر وبالقرب من عيادة الرحمة، أطلقت مركبة "وولف" إسرائيلية مدرعة أكثر من عشر طلقات على الفلسطينيين الذين كانوا يختبئون بجانب الجدار، مما أسفر عن مقتل الحاج عبد العزيز أشقر البالغ من العمر 64 عامًا، والطفل محمد حاج أحمد البالغ من العمر 16 عامًا.
إن القتل العمد لعشرة فلسطينيين، من بينهم طفل واحد، وتدمير الممتلكات المدنية، واستهداف المدنيين، بما في ذلك الصحفيين، خلال الهجوم العسكري الكبير الذي استمر أربع ساعات والذي وقع في وضح النهار على وسط مدينة نابلس، يشكل جريمة حرب وتشمل القتل العمد، وتدمير الممتلكات، وهو فعل عدواني محظور.