القائمة الرئيسية
EN
الحق توجه مذكرة لرئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض تتعلق باستقلال القضاء
أم ع 3-7/09
27، يوليو 2009

دولة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض المحترم.

تحية واحترام وبعد ،،،

إيمانا منا بواجب تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية في بناء وتعزيز قيام سلطة قضائية فلسطينية مستقلة، ترقى بهيبة محاكمها وقضاتها لمصاف دول المؤسسات وسيادة القانون، وتأكيدا منا على واجب تحمل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لالتزاماتهم الوطنية والقانونية في تعزيز سيادة القضاء، والدفاع عن ولايته واستقلاله ومكانته وهيبته.

وحرصا منا على إعمال مبدأ الفصل بين السلطات وتجسيد مبدأ المشروعية، واحتكام الجميع للقانون الأساسي الفلسطيني، كمرجعية قانونية ناظمة للحقوق والحريات ولعمل ومهام السلطات الفلسطينية الثلاث، وهو ما لا يمكن له أن يتحقق ويتم، طالما غيب دور القضاء الفلسطيني، وانتزعت مكانته، وفقد هيبة احترام وتنفيذ أحكامه، وغصبت ولايته وصلاحياته.

دولة رئيس الوزراء ،،،

إن مؤسسة "الحق" وإذ تقدر عالياً قراركم الصارم والقطعي بوجوب احترام وتنفيذ الجهات الرسمية والأمنية لقرارات المحاكم، الذي يؤكد على حقيقة حرصكم ورغبتكم الجادة والصادقة في تعزيز وتجسيد سيادة واستقلال القضاء، وفرض احترام القانون وسيادته، مما سيكون له الأثر المباشر والفعلي في رد الاعتبار للقضاء الفلسطيني وتعزيز هيبته ومكانته التي اهتزت وضربت، جراء حالة الاستخفاف والاستهتار التي تعاطت بها الجهات الأمنية مع أحكامه.

دولة رئيس الوزراء ،،،

لاشك بأن القضاء النزيه والمستقل أحد أهم الضمانات الحامية لحقوق الإنسان وحرياته، وليس هذا فحسب بل يعد القضاء النزيه والمحايد والمستقل والمهاب الجانب، واحدا من الأعمدة الأساسية الضامنة لاستقرار وأمن المجتمع بمختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولهذا إذا ما غابت هذه الضمانة أو تم الانتقاص من استقلالها وهيبتها جراء الاعتداء عليها أو غصب سلطتها، فقد المجتمع بلا ريب أسس استقراره ومقومات تطوره ونمائه.

ولهذا ان اهتمام "الحق" باستقلال السلطة القضائية الفلسطينية، والدفاع عن ولايتها ومهامها قد جاء بناء على قناعة وإدراك راسخ، بأن استقلال هذه السلطة واحترام الجميع لصلاحياتها ومكانتها سيؤدي حتما الى استقامة سائر السلطات، والى إعمال واحترام الجميع لمبدأ سيادة القانون.

ومن هذا المنطلق إن رد الاعتبار الى القضاء الفلسطيني والدفاع عن استقلاله وسيادته عملا لا يمكن له ان يتحقق، طالما استمر تدخل القضاء العسكري واعتدائه على ولاية واختصاص القضاء النظامي، حيث تجاوز اعتداء القضاء العسكري على القضاء النظامي حد الممكن والمعقول ما بات يهدد بانتقال المجتمع الفلسطيني ومؤسساته المدنية نحو السلطة البوليسية التي ستقود حتما نحو غياب الحقوق والحريات العامة، وضرب سيادة القانون واستقلال القضاء الفلسطيني.

دولة رئيس الوزراء ،،،

على الرغم من النداءات والبيانات والمطالبات المتكررة التي رفعت من مؤسسة "الحق" للجهات الفلسطينية الرسمية بما فيها رئاسة الوزراء، لوقف اعتداء هيئة القضاء العسكري والنيابة العسكرية الفلسطينية، على اختصاص وصلاحيات القضاء النظامي والنيابة المدنية، لم يتم لغاية هذه اللحظة أي تدخل جاد وفعلي لوقف غصب القضاء العسكري لصلاحيات واختصاص القضاء النظامي، ما دفع بالقضاء العسكري الى التمادي والمغالاة في ممارسة مهام القضاء المدني، بحيث أضحت أغلب حالات الاعتقال الجارية اليوم من قبل الأجهزة الأمنية، تتم بمقتضى مذكرات توقيف صادرة عن هيئة القضاء العسكري، رغم عشرات القرارات الصادرة عن أعلى مرجعية قضائية فلسطينية بعدم جواز وشرعية ممارسة القضاء العسكري للولاية على المدنيين الذين يخضعوا لولاية واختصاص القضاء النظامي.

وليس هذا فحسب بل إن إخضاع المدنيين الفلسطينيين لولاية القضاء والنيابة العسكرية الفلسطينية، يمثل انتهاكا صارخا وصريحا لأحكام القانون الأساسي وتحديدا نص المادة (101) فقرة 2 التي أكدت على عدم اختصاص المحاكم العسكرية خارج نطاق الشأن العسكري، كما يمثل مثل هذا العمل انتهاكا واضحا وصريحا لأحكام ومضمون المادة (6) والمادة (30) من القانون الأساسي.

دولة رئيس الوزراء،،،

ان مؤسسة "الحق" وإذ تبدي قلقها بل وخشيتها من استمرار غصب هيئة القضاء العسكري والنيابة العسكرية تجاه الحقوق والحريات وسيادة القانون واستقلال القضاء، تأمل من دولتكم استكمال قراراكم الخاص باحترام وتنفيذ أحكام المحاكم بالتدخل الفاعل لوقف غصب هيئة القضاء العسكري لصلاحية واختصاص وولاية القضاء النظامي، ما سينهي دون شك واحدة من أكثر التحديات التي عصفت باستقلال القضاء الفلسطيني وسيادته، بل وحالت دون قدرة القضاء النظامي على مد ولايته وممارسة صلاحياته في توكيد وتثبيت سيادة القانون ومبدأ المشروعية.

مع خالص الاحترام والتقدير


شعوان جبارين
مدير عام مؤسسة الحق