بيان صحفي صادر عن مؤسسة الحق
للنشر الفوري
تتابع مؤسسة الحق عن كثب تطورات الأوضاع الميدانية، ومآل الأمور بشأن جائحة كورنا، وترى أن القرارات بقانون الصادرة عن السيد الرئيس؛ وبخاصة القرار بقانون رقم (4) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي والحكومة والمحافظين والصادر بتاريخ 27/2/2020، والقرار بقانون رقم (12) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون التقاعد العام والصادر بتاريخ 16/4/2020، والمنشورة في جريدة الرسمية "الوقائع الفلسطينية" في الأعداد (166،165)، والمتضمنة رفع سن التقاعد لرؤساء الهيئات والمؤسسات في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير المعينين بدرجة وزير لسن (65) عاماً؛ ومنحهم امتيازات مالية وتقاعدية، تشكل انتهاكاً لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، وانتهاكاً لمبدأ سيادة القانون؛ ومبادئ وقيم الشافية والنزاهة، والحكم الرشيد، وتطالب بإلغاء القرارات بقانون للأسباب التالية:
أولاً: منح القرار بقانون رقم (4) لسنة 2020 وفي المادة (2) منه كل من جرى تعيينه في وظائف السلطة الوطنية ومنظمة التحرير بدرجة وزير ما يستحقه الوزراء من حقوق تقاعدية بموجب قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي والحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004، والتي لا تفرض أية مساهمات عليهم في صندوق التقاعد العام، مع إعادة كافة المساهمات التي اقتطعت من رواتبهم منذ توليهم مناصبهم بأثر رجعي وغير المعروف مقدارها.
ثانياُ: رفع القرار بقانون رقم (12) لسنة 2020 المعدل لقانون التقاعد العام لسنة 2005 سن التقاعد لمن هم بدرجة وزير إلى (65) عاماً، ومنح الرئيس صلاحية الإحالة على التقاعد قبل بلوغ هذا السن، بالرغم من اعتماد سن (60) عاماً كأساس للتقاعد لكافة الموظفين في القطاع العام بموجب التشريعات النافذة، بما يخالف مبدأ تكافؤ الفرص وينطوي على تمييز.
ثالثاً: إن القرارات بقانون المذكورة لا ينطبق عليها صفة التشريع، وذلك لأن التشريع ينطوي على قواعد قانونية "عامة ومجردة" أي أنها لا تكون موجهة إلى شخص معين أو فئة معينه بالذات ولا إلى واقعة محددة بعينها، وإنما لأي شخص أو واقعة تتوافر فيها شروط تطبيق القاعدة القانونية دون تمييز، وعلى قاعدة تكافؤ الفرص ، وحيث أن الغاية من التشريع التي تتمثل في المصلحة العامة تُبنى على معيار موضوعي، وليس على حالة فردية أو فئة بعينها، وبغير ذلك نكون أمام حالة من حالات الانحراف التشريعي التي تستوجب البطلان، سواء وقع هذا الانحراف من خلال تشريع استثنائي صادر عن الرئيس كما في الحالة المعروضة أم من خلال تشريع أصيل صادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني.
رابعاً: ما تضمنته القرارات بقانون ينطوي على مساس بمبدأ سيادة القانون بمفهومه الشكلي والجوهري كأساس دستوري للحكم الصالح، وبمفهوم الدولة القانونية، وبالمبادئ الدستورية التي تقوم على المساواة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين.
خامساً: صدرت القرارات بقانون في سياق سيل القرارات بقوانين التي يتم إقرارها ونشرها في الجريدة الرسمية ونفاذها دون حوار مجتمعي، وفي ظل استمرار تغييب المجلس التشريعي؛ والتي تنتهك بشكل صارخ الحقوق والحريات والتزامات دولة فلسطين بموجب الانضمام للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بما يؤكد إصرار السلطة التنفيذية على المضي قدماً في سياسة الهيمنة والتفرد في العملية التشريعية، خلافاً للقانون الأساسي الناظم للتشريعات الاستثنائية ولأجندة السياسات الوطنية "المواطن أولاً “وللخطة التشريعية للحكومة التي أكدت على وجوب اتباع النهج التشاركي في العملية التشريعية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حالة التصدع في النظام السياسي الفلسطيني.
سادساً: إن النص على سريان القرار بقانون رقم (4) لسنة 2020 من تاريخ صدوره مخالفٌ لأحكام القانون الأساسي المعدل، وذلك لأن القوانين سواء أكانت أصيلة أم استثنائية (قرارات بقوانين) لا تنفُذ إلا في مرحلة النشر في الجريدة الرسمية، وهذا ما أكدته المادة (116) من القانون الأساسي المعدل "تصدر القوانين باسم الشعب العربي الفلسطيني، وتنشر فور صدورها في الجريدة الرسمية، ويعمل بها بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشرها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك". أي ما لم ينص القانون على تاريخ للنفاذ، خلال مرحلة النشر، خلافاً للمدة الزمنية المبينة في النص الدستوري المذكور.
سابعا: سيل القرارات بقانون والتراجع عن بعضها وتعديل بعضها بعد صدوره بفترة وجيزه يعكس حالة التخبط وغياب الاستراتيجية والضرب بسيادة القانون عرض الحائط، وغياب نهج المشاركة وتعزيز دور الفرد في ظل تغييب دور المؤسسة الفاعل وذات الاختصاص.
وبناء على ما تقدم فإن "الحق" تطالب بإلغاء القرارات بقانون المذكورة، ووقف إصدارات القرارات بقانون بشكل كامل، والعمل على استعادة الحياة الديمقراطية والوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، من خلال الشروع في التحضير للانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري والقانوني في اختيار ممثليهم في انتخابات عامة ونزيهة، بما يؤسس لنظام سياسي ديمقراطي تحترم فيه القيم الدستورية وتصان فيه الحقوق الحريات، ويعزز بناء المؤسسة الراسخة بما يشكل رافعة واستنهاض لطاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة المخططات التي تستهدف وجودة وحقوقه الوطنية. ولنجعل من تمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية واشراك الجيل الشاب في الحياه العامة وتعزيز صمود الشعب واستنهاض طاقاته بوصلة للعمل اليومي الرسمي والأهلي والشعبي.
انتهى